أولمبياد لوس أنجلوس 2028- تحديات الحرائق وخطر عدم الاستضافة؟

المؤلف: وكالة الأنباء الفرنسية10.12.2025
أولمبياد لوس أنجلوس 2028- تحديات الحرائق وخطر عدم الاستضافة؟

ألقت الحرائق الهائلة التي عصفت بمدينة لوس أنجلوس بظلال كثيفة من الشكوك حول الاستعدادات الجارية لاستضافة دورة الألعاب الأولمبية الصيفية لعام 2028، وأثارت تساؤلات جوهرية حول مدى استعداد المدينة لضمان الأمن والسلامة والنجاح المنشود لهذا الحدث الرياضي العالمي الضخم.

وعلى الرغم من أن ألسنة اللهب المدمرة، التي أودت بحياة أربعة وعشرين شخصًا وحوّلت أحياءً بأكملها إلى رماد، لم تصل مباشرة إلى أي من المراكز والملاعب الرياضية الثمانين المخصصة لاحتضان منافسات الألعاب الأولمبية في لوس أنجلوس، إلا أن الخبراء والمحللين يرون أن هذه الكارثة المتفاقمة قد سلطت الضوء بشكل جلي على التحديات الصعبة التي ستواجه المدينة أثناء سعيها لاستضافة هذا الحدث الرياضي الأكبر والأهم في العالم، خاصة وأنها تقع في منطقة جغرافية معرضة باستمرار لخطر اندلاع الحرائق وتكرارها.

وفي هذا السياق، صرح سيمون تشادويك، الأستاذ المتخصص في الرياضة والاقتصاد الجيوسياسي في كلية سكيما للأعمال في باريس، لصحيفة "ذا آي بيبر" البريطانية قائلاً: "الوضع الحالي ينطوي على خطورة بالغة، وبالنظر إلى الاحتمالات المتزايدة لحدوث تغيرات جذرية في المناخ، يجب علينا أن نتساءل بجدية عما إذا كان الوضع الراهن قد يتكرر مرة أخرى، وربما حتى أثناء انعقاد الألعاب الأولمبية نفسها".

وأضاف تشادويك: "إن هذا الأمر يثير تساؤلات عميقة ومقلقة للغاية، ليس أقلها تلك المتعلقة بالتأمين، وما إذا كان المقصد الجذاب والوجهة المرغوبة التي تمثلها لوس أنجلوس في عام 2028 قد تتحول فجأة إلى حدث ضخم وغير قابل للتأمين على الإطلاق".

وعلى الرغم من أن النيران التي اندلعت في منطقة باسيفيك باليسايدس قد اقتربت بشكل مقلق من نادي ريفييرا كاونتري كلوب، الذي من المقرر أن يستضيف منافسات الغولف الأولمبية في عام 2028، فإن غالبية الملاعب والمراكز الرياضية التي ستحتضن فعاليات الحدث الأولمبي تقع خارج المناطق التي تعتبر ذات خطورة عالية لاندلاع الحرائق.

وفي الوقت ذاته، تشير الإحصائيات والأرقام التاريخية إلى أن فرص وقوع كارثة مماثلة خلال فترة انعقاد دورة الألعاب الأولمبية لعام 2028 تعتبر ضئيلة للغاية، وقبل اندلاع الحرائق الأخيرة، لم يكن أي من الحرائق التي اجتاحت مقاطعة لوس أنجلوس المكتظة بالسكان مدرجًا ضمن قائمة أكبر عشرين حريقًا في تاريخ ولاية كاليفورنيا، وذلك وفقًا للإحصائيات المتوفرة من وكالة الإطفاء التابعة للولاية "كالفاير".

علاوة على ذلك، من المقرر أن تقام فعاليات أولمبياد 2028 في شهر يوليو، وهي الفترة التي لا تشهد فيها ولاية كاليفورنيا هبوب رياح "سانتا آنا" الموسمية، التي تهب عادة في فصلي الخريف والشتاء، وتعتبر هذه الرياح القوية المحفز الأكبر لانتشار الحرائق بسرعة غير مسبوقة.

تجدر الإشارة إلى أن مدينة لوس أنجلوس قد استضافت بنجاح دورتين سابقتين للألعاب الأولمبية في عامي 1932 و1984.

ويرى بيل ديفيريل، أستاذ التاريخ في جامعة "ساوثرن كاليفورنيا"، أن الكارثة الأخيرة تمثل درسًا بالغ الأهمية يجب الاستفادة منه في التحضير لأولمبياد 2028.

وأكد ديفيريل: "بمجرد انتهاء هذه الأزمة... ليس هناك شك في أننا نتوقع أن نكون قد تعلمنا دروسًا قيمة حول الطرق والأساليب التي يمكننا من خلالها على الأرجح محاولة التخفيف من آثار الكوارث الكبيرة المشابهة".

من جانبه، اقترح مارك دايرسون، الأستاذ في جامعة بنسلفانيا، نقل دورة الألعاب الأولمبية إلى مدينة باريس، وإضافة أولمبياد 2024 إليها، إذا كانت لوس أنجلوس غير قادرة على تنظيمها.

وأوضح دايرسون لصحيفة نيويورك بوست: "يمكنهم العودة إلى باريس. سيكون ذلك أمرًا مؤسفًا، ولكنني على ثقة من أن لديهم نوعًا من الهيئات المتخصصة في التعامل مع حالات الطوارئ، فاللجنة الأولمبية الدولية هي عبارة عن بيروقراطية ضخمة ومعقدة".

وفي المقابل، صرح حاكم ولاية كاليفورنيا، جايفن نيوسوم، لبرنامج "توداي" الصباحي على شبكة "إن بي سي" بأن خطط التحضير لدورة الألعاب الأولمبية لعام 2028 وكأس العالم لكرة القدم لعام 2026، حيث ستقام ثماني مباريات في لوس أنجلوس، تسير في الاتجاه الصحيح.

ويرى نيوسوم أن هذه الموجة من استضافة الأحداث الرياضية الكبرى في لوس أنجلوس خلال الأعوام المقبلة، حيث من المقرر أن تحتضن المدينة أيضًا مباراة "السوبر بول" الشهيرة في عام 2027، تمثل فرصة ذهبية لا ينبغي تفويتها.

وقال نيوسوم لشبكة "أن بي سي": "إن موقفي المتواضع، والذي لا يتعلق فقط بالتفاؤل الساذج، هو أن الوضع القائم يعزز فقط ضرورة التحرك بسرعة، والقيام بذلك بروح التعاون والتكاتف".

وفي المقابل، برزت مطالبات من بعض النقاد المتشددين بسحب حق استضافة دورة الألعاب الأولمبية من لوس أنجلوس.

وكتب تشارلي كيرك، الشخصية اليمينية المعروفة، على حسابه في منصة إكس الأسبوع الماضي: "يجب إلغاء دورة الألعاب الأولمبية في لوس أنجلوس".

وأضاف: "إذا لم تتمكن من ملء صنبور إطفاء الحرائق، فلن تكون مؤهلاً لاستضافة الألعاب الأولمبية. يجب نقل هذا الحدث إلى دالاس أو ميامي، حتى يتمكن رياضيو العالم من المنافسة في مكان قادر على بناء وتشغيل شيء بأمان فعليًا".

ومع ذلك، أكد الخبير ديفيريل من جامعة "ساوثرن كاليفورنيا" أن فرص إلغاء دورة الألعاب الأولمبية أو نقلها من لوس أنجلوس بسبب هذه الكارثة تعتبر "ضئيلة للغاية".

وأوضح: "إن الافتراض السائد بأن هذا يعني أنه يجب علينا إلغاء الألعاب الأولمبية هو افتراض غير مقنع، وهذا لن يحدث على الإطلاق".

ولم يكن منظمو أولمبياد لوس أنجلوس 2028 متاحين بشكل فوري للتعليق على الأحداث الجارية.

سياسة الخصوصية

© 2025 جميع الحقوق محفوظة